أجندة فلسطينية

صفقة وفاء الأحرار

تُعد قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية قضية مركزية لدى حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وتعتبر تحريرهم واجبًا وطنيًا مقدسًا، والعمل من أجل ذلك على رأس أولوياتها، حيث يقبع آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، يعانون أوضاعًا معيشية صعبة في ظل تنكيل مصلحة إدارة السجون بهم، وحرمانهم من أبسط الحقوق المشروعة التي نصت عليها القوانين الدولية.

بذلت حماس، وما زالت، في سبيل تحرير الأسرى الغالي والنفيس، وتُعلن في أكثر من مقام أنه لن يهدأ لها بال حتى يتم تبييض السجون الإسرائيلية من الأسرى كافة، وعودتهم للعيش بسلام بين أهليهم وذويهم، فالعمل على تحريرهم جزء من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وتحقيق أهدافه المشروعة بالحرية والاستقلال والعودة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

كما أن تبنّي قضية الأسرى ورعايتهم والدفاع عنهم يُشكل التزامًا وطنيًا وقانونيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا ينسجم مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والاتفاقيات والقرارات الدولية، فهم يعتبرون أسرى حركة تحرر وطني تنطبق عليهم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، وتعتبر الحركة أن عدالة قضية الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي تنبع من عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة التي يناضلون من أجلها.

البداية.. أسر جلعاد شاليط

مطلع فجر يوم الأحد 25/6/2006 نفذت كتائب القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام، عملية نوعية مُعقدة باسم “الوهم المتبدد”، على معبري كرم أبو سالم وصوفا شرق محافظة رفح في قطاع غزة، استهدفت قوة إسرائيلية مُدرعة من لواء غفعاتي ترابط ليلاً في موقع كرم أبو سالم العسكري التابع لجيش الاحتلال.

أسفرت العملية عن تدمير دبابة من طراز ميركفاة 3 بشكل كامل، وناقلة جند مصفحة، والإجهاز على طاقميهما، وتدمير الموقع العسكري الاستخباري جزئيًا، واعترف الاحتلال بمقتل جندي وضابط، وأسر الجندي “جلعاد شاليط” حيًا، واستشهد اثنان من منفذي العملية، هما: حامد الرنتيسي، ومحمد فروانة، وقد شارك ثمانية مقاومين في العملية عادوا سالمين باستثناء الشهيدين.

يُعد توقيت هذه العملية البطولية حساسًا وذا دلالة كبيرة، حيث جاءت بعد خمسة أشهر من فوز حماس في الانتخابات التشريعية، وتشكيلها الحكومة العاشرة، ما يثبت بالدليل العملي أن الحسابات السياسية لم تُثن حماس عن مقاومة الاحتلال، وأنها حين قررت خوض الانتخابات، وممارسة العمل السياسي من تحت قبة البرلمان لم تتخلّ عن خيارها الاستراتيجي المتمثل في المقاومة المُسلحة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني، وجاءت العملية ترجمة عملية للبرنامج السياسي الذي اعتمدته الحركة بالجمع بين المقاومة والحكم تحت شعار “يد تبني ويد تقاوم”.

حددت الفصائل في بيانها حول الجندي الإسرائيلي الأسير بتاريخ 26/6/2006، مطالبها الأولية للإدلاء عن معلومات حول الجندي الأسير، وهي:

1. الإفراج عن جميع الأسيرات والأطفال دون سن الـ18 كبادرة إثبات جدية وحسن نوايا مقابل معلومات عن الجندي المفقود.

2. الإفراج عن ألف من الأسرى الفلسطينيين والعرب والمسلمين من أي جنسية كانوا، شاملاً ذلك بالدرجة الأولى: قادة الفصائل الفلسطينية ذوي الأحكام العالية، المرضى ذوي الحالات الطبية الصعبة والإنسانية.

3. وقف كل أشكال العدوان والحصار على الشعب الفلسطيني.

أعلن جيش الاحتلال على لسان قائد أركانه “دان حالوتس” أن الجندي المفقود تم اختطافه على أيدي المهاجمين الفلسطينيين، وتُشير الدلائل إلى أنه ما زال حيًا، بينما أعلن الجيش إغلاق جميع معابر قطاع غزة وحدوده؛ لمنع تهريب الجندي الأسير للخارج، وشنّ عدوانًا شاملًا على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

شن الاحتلال بتاريخ 28/6/2006، حملة عسكرية واسعة على قطاع غزة أطلق عليها اسم “أمطار الصيف” بمشاركة خمسة آلاف جندي ومئات الدبابات والمدرعات، شمل قصفًا جويًا وبريًا وبحريًا عنيفًا ضد أهداف ومنشآت مدنية، منها الطرق والبنى التحتية في جميع أنحاء القطاع.

كما تم قصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة وتدميرها بالكامل، وتخلل هذا العدوان اجتياحٌ بريٌ للقطاع من المنطقة الجنوبية في رفح ومن منطقة الشمال، وصرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “إيهود أولمرت” بأن الهدف الرئيس للعملية العسكرية هو إعادة الجندي الإسرائيلي “جلعاد شاليط” إلى بيته.

بالتوازي مع ذلك فرضت سلطات الاحتلال حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على قطاع غزة، إضافة إلى إغلاق الجانب المصري لمعبر رفح البري جنوب القطاع بشكل تام، باستثناء فتحه لساعات محدودة في فترات زمنية متباعدة لا تُلبي الحاجات الإنسانية للسكان، ما أدى إلى عزل القطاع عن العالم الخارجي بشكل كلي، في حين فرضت سياسة تشديد واسعة في إدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، وحظرت أعدادًا كبيرة من المواد الغذائية ومواد البناء والسلع الأساسية، فضًلا عن التشديد على تنقل الأفراد بين الضفة وغزة عبر حاجز بيت حانون شمال القطاع.

وفي مطلع شهر نوفمبر 2006 شن جيش الاحتلال حملة عسكرية على القطاع أسماها “غيوم الخريف”، وتركزت على شمال القطاع، وبالتحديد بلدة بيت حانون، أدت إلى استشهاد 105 فلسطينيين، وإصابة 353 آخرين بجروح مختلفة.

وبعد فشل الاحتلال في العمليتين العسكريتين باستعادة الجندي المأسور في قطاع غزة، شنّ عدوانًا شاملًا ضد قطاع غزة كان الأول من نوعه على قطاع غزة، خلال الفترة ما بين 27/12/2008 – 19/1/2009، والذي أسمته “الرصاص المصبوب”، وأطلقت عليه المقاومة “معركة الفرقان”.

كان أبرز أهداف الاحتلال المعلنة استعادة الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة “جلعاد شاليط”، وإسقاط حكم حركة حماس في القطاع، حيث أسفر العدوان عن استشهاد 1334 فلسطينيًا، بينهم 417 طفلاً، و108 نساء، و120 مُسنًا، و14 من العاملين في الأطقم الطبية، في حين بلغ عدد الجرحى 5450 فلسطينيًا نصفهم من الأطفال، فضلًا عن تدمير كلي وجزئي لأكثر من 25 ألف منزل، حيث تكبد قطاع غزة خسائر اقتصادية مباشرة بقيمة 1.9 مليار دولار نتيجة هذا العدوان، بينما بلغت الخسائر المباشرة في البنية التحتية حوالي 102 مليار دولار.

“أمطار الصيف” و”غيوم الخريف”.. عمليات عسكرية شنها الاحتلال عام 2006 في سبيل استعادة الجندي الأسير جلعاد شاليط لكنها باءت بالفشل

إلا أن هذا العدوان الشامل لم يحقق أيًا من أهدافه، ولم يفلح الاحتلال في العثور على طرف خيط يدلها على الجندي الأسير في القطاع، كما لم تتمكن من إسقاط حكم حركة حماس على مدار 22 يومًا من الحرب الشاملة، ما اضطر قيادة الاحتلال في نهاية المطاف إلى إعلان أحادي الجانب لوقف إطلاق النار في القطاع وانسحاب القوات الإسرائيلية، حيث أعقب العدوان مفاوضات غير مباشرة بين المقاومة والاحتلال بوساطة مصرية من أجل التواصل لاتفاق تهدئة، غير أن هذه المفاوضات لم تؤدِّ إلى أي اتفاق بسبب تعنت حكومة الاحتلال في مواقفها واشتراطها الإفراج عن الجندي الأسير قبل إعلان التهدئة ورفع الحصار عن غزة.
 

وبدأت المفاوضات..

لم تمر أيام قليلة على أسر الجندي الإسرائيلي، حتى بدأت الجهود لإطلاق المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة والاحتلال لإطلاق سراحه، وتعددت الأطراف التي لعبت دور الوسيط بين الطرفين، لكن الوسيطين الأكثر تأثيرًا كانا مصر وألمانيا.

بعد تنفيذ العملية سارعت مصر كونها الأكثر تأثرًا بالأحداث داخل قطاع غزة وتأثيرًا فيها، لتقديم اقتراحات لإطلاق سراح الجندي، تارة مقابل وقف الحرب المتوقعة على غزة، وتارة مقابل فك الحصار عن القطاع، وإعادة فتح معبر رفح على الحدود مع مصر، لكن حماس ومعها التنظيمات التي شاركت في عملية الأسر أصرت على ألّا يكون إطلاق سراح شاليط إلا مقابل تحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، ومع الأولوية لذوي الأحكام العالية.

رفضت دولة الاحتلال مطالب الفصائل بإطلاق سراح ألف أسير فلسطيني وعربي إضافة إلى الأسيرات والأسرى الأطفال، وأكد رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل أن الإفراج عن الجندي لن يتم دون تبادل أسرى، واتهم التعنت الإسرائيلي بإفشال الجهود والوساطات.

صفقة شريط شاليط

في الثاني من أكتوبر عام 2009م، ومن خلال وساطة مصرية ألمانية، حصل الاحتلال على شريط فيديو مصور –مدته دقيقتان ونصف- يظهر فيه الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط حيًا سليمًا معافى، وأفرج في مقابل ذلك عن 19 أسيرة فلسطينية من الضفة وغزة.

ظهر شاليط في الشريط يرتدي بزة عسكرية ويحمل نسخة من صحيفة “فلسطين” المحلية التي تصدر في غزة، كما وجه عدة رسائل إلى عائلته والحكومة الإسرائيلية.

أثار هذا الشريط موجة كبيرة من ردود الفعل المتباينة بين الأوساط الفلسطينية و”الإسرائيلية”، فمن جهتها احتفت الجماهير الفلسطينية بهذه الصفقة، مُعتبرة إياها مقدمة لصفقة أكبر وأشمل يتم خلالها الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين، وعلى رأسهم ذوو الأحكام العالية.

على الجانب الآخر أثار إطلاق سراح 19 أسيرة فلسطينية ضجة وسخطًا كبيرًا في أوساط “المجتمع الإسرائيلي”، الأمر الذي انعكس على وسائل الإعلام “الإسرائيلية” التي لم تكن في غالبيتها تؤيد أن تتم مثل هذه الصفقة، والتي هاجمت على إثرها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وصفت الصحف “الإسرائيلية” صفقة “شريط شاليط”، بـ “المحرجة”، مشيرة إلى أنها “أجبرت دولة بأكملها على ركبتيها”، وقالت صحيفة يديعوت أحرنوت إن حركة أجبرت دولة بأكملها على الركوع، فهي تبتز لتحرير 20 أسيرة، معتبرة أن “صفقات مُحرجة من هذا النوع من الأفضل أن تتم بهدوء، دون ضجيج”.

وانتقدت الصحيفة في الوقت ذاته عجز أجهزة الأمن الإسرائيلية عن الوصول إلى الجندي على مدى ثلاث سنوات وثلاثة أشهر (منذ أسره وحتى تاريخ نشر الشريط)، وقالت: “محظورٌ علينا أن ننسى بأن هذا الشريط يعظم فقط حقيقة أن المخابرات وباقي محافل الأمن لم يتمكنوا من جلب معلومة تسمح بإنقاذ جلعاد من الأسر. ثلاث سنوات، يبعد 10 كم عن البيت، وليس لأحد أي فكرة عن وضعه، إلى أن تصنع حماس الجميل للمبعوث الألماني وتُطلق شريطًا بثمن مبالغ فيه.

صفقة وفاء الأحرار

بتاريخ 1/6/2011 وصل عاموس غلعاد رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الحرب “الإسرائيلية” إلى القاهرة لإجراء مفاوضات مع المسؤولين فيها حول تفعيل الوساطة المصرية في صفقة تبادل الأسرى، وحمل الموافقة على الإفراج عن جميع الأسرى الذين تطالب فصائل المقاومة بهم.

وبعد جولات عديدة من المباحثات والمفاوضات غير المباشرة التي استمرت أكثر من خمس سنوات أعلنت حماس وحكومة الاحتلال عن الاتفاق بوساطة مصرية على إطلاق سراح الجندي الأسير في غزة جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا، وأعلن عنها رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل يوم 11/10/2011، وعدّها إنجازًا كبيرًا في الحجم والنوعية المتميزة؛ لأنها تشمل معتقلين من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأراضي الـ48 والجولان والشتات، وتعبيرًا عن وحدة الوطن ووحدة الشعب الفلسطيني من خلال اشتمالها على أسرى من جميع الفصائل، وأن الصفقة تمت بمعايير لأول مرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية لأن ثلث المفرج عنهم من المؤبدات.

مثّل يوم الثامن عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2011 عرسًا وطنيًا كبيرًا في الأراضي الفلسطينية، وتم تنظيم مهرجان استقبال مركزي في غزة ورام الله للأسرى المحررين، وخرجت جماهير الشعب الفلسطيني منذ الصباح لاستقبال الأسرى الأبطال على امتداد شارع صلاح الدين من رفح جنوبًا حتى بيت حانون شمالًا، الذين لم يكونوا ليخرجوا إلا بصفقة تبادل مُشرفة تُرغم دولة الاحتلال على الرضوخ لمطالب المقاومة بعد خمس سنوات من فشل المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في التوصل لمكان احتجاز الجندي الأسير، أو معرفة معلومات عنه، وعمّت الاحتفالات الأراضي الفلسطيني فرحًا وابتهاجًا بالنصر الكبير الذي حققته المقاومة.

أفرجت صفقة تبادل الأسرى عن 1027 أسيرًا، منهم 994 أسيرًا، و33 أسيرة، و284 منهم كانوا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، و395 قضوا أحكامًا لا تقل عن خمس سنوات، و789 منهم اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى، و238 معتقلين قبل الانتفاضة، و95 منهم مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عامًا، بينهم 27 محررًا مضى على اعتقالهم أكثر من 25 عامًا.

ويُعتبر الأسرى المحررون مسؤولين عن قتل 596 “إسرائيليًا”، في حين زادت مجموع أحكامهم على 92 ألف سنة.

5 استخلاصات من صفقة وفاء الأحرار

1) خيار أثبت نجاعته

عجزت مفاوضات السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي عن توفير الحد الأدنى من مطالب الأسرى الفلسطينيين وحقوقهم، فكانت تجربة المقاومة من خلال عمليات أسر جنود إسرائيليين طريقًا أنجع لتحرير الأسرى ومن ضمنها “الوهم المتبدد”، التي شكلت عملية نوعية بكل المقاييس، وعلامة فارقة في عمل المقاومة الفلسطينية عبر طريقة التنفيذ وسرعته، والإجراءات الأمنية المُعقدة التي صاحبت الأسر والإخفاء وتسليم الجندي الأسير ضمن صفقة التبادل.

2) لا يُستردُّ إلا بالقوة

أثبتت صفقة تبادل الأسرى أن خيار المقاومة هو الأمثل لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، وأثبتت عدم جدية الاحتلال بتحقيق الحد الأدنى من المطالب التي لا يمكن أن تُستجدى، ولكن تُنتزع انتزاعًا انطلاقًا من موقف القوة والضغط على دولة الاحتلال.

3) نجاح أمني استخباري منقطع النظير

عملية أسر جلعاد شاليط هي الأولى من نوعها من حيث المكان، حيث شكلت عملية تأمينه في غزة ومنع تعقب مكانه تحدّيًا أمنيًا كبيرًا لفصائل المقاومة الآسرة للجندي وعلى رأسها كتائب القسام، فبالنظر لقطاع غزة الشريط الساحلي الضيّق الذي لا يتجاوز طوله 45 كيلومترًا وعرضه 12 كيلومترًا، تتحكم دولة الاحتلال بجميع منافذه وحدوده البرية والبحرية، كما ترصد طائرات الاستطلاع كل حركة وسكنة فيه على مدار الساعة، وأرضه سهلة منبسطة ليس فيها جبال أو كهوف تُمكن من المناورة فيها، كما تنشر المخابرات الإسرائيلية عيونها في كل مكان.

لكن المقاومة استطاعت التغلب على تلك التحديات باقتدار، وسجّلت نجاحًا أمنيًا واستخباريًا منقطع النظير أمام غطرسة الاحتلال الإسرائيلي، وأثار هذا النجاح احترام العدو قبل الصديق، فعلى مدار خمس سنوات لم تتمكن أجهزة أمن العدو واستخباراته من الحصول ولو على معلومة واحدة تدل على مكان احتجاز الجندي رغم إحكام حصارها وسيطرتها على القطاع؛ ما اضطرها في نهاية المطاف إلى الرضوخ لمطالب المقاومة والاستجابة لشروطها من أجل الإفراج عن الجندي.

4) مفاوضات ليّ الذراع

لم تكن عملية التفاوض غير المباشرة بين المقاومة والاحتلال سهلة، فقد حاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومن خلال العديد من الوسائل الضغط باتجاه تحرير شاليط بأقل ثمن ممكن، غير أن المقاومة تمسكت بغالبية شروطها، ولم يجد المفاوض الإسرائيلي سبيلًا آخر غير الموافقة على غالبية تلك الشروط.

5) رفع السقف وقبض الثمن

لم تكن حماس وفصائل المقاومة الآسِرة للجندي شاليط لتفرط به إلا مقابل ثمن باهظ يدفعه الاحتلال، وهو تحرير أكبر عدد من الأسرى المقاومين؛ لذلك وضعت منذ البداية سقفًا لمطالبها لا يمكنها تجاوزه، مع إمكان المناورة من جهة التفاصيل وليس المحتوى.

وضعت حماس مبادئ وأسس تقوم عليها هذه المطالب، وهي التبادلية وشمول صفقة الأسرى لأكبر عدد من الأسرى ذوي الأحكام العالية وخاصة المؤبدات، وشمولها على الأسيرات الفلسطينيات كافة، وجميع الأسرى الأطفال، وعدم حصر المفاوضات بالأسرى من الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك الأسرى العرب، وإن إصرار حماس والفصائل على مطالبها وعدم التراجع تحت التهديدات والإجراءات الإسرائيلية، نتج عنه تحقيق العدد الأكبر من هذه المطالب.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى