أجندة فلسطينية

معركة سيف القدس

مع تصاعد اعتداءات الاحتلال على القدس والأقصى، ومحاولته الاستيلاء على منازل المواطنين في حي الشيخ جراح، وتهجير سكانها منها قسرا أواخر أبريل عام 2021م، كان لزاما على المقاومة أن تضع حدا لهذه الاعتداءات، وتدافع عن القدس والأقصى، فهي صاحبة العهد للشعب ولمشروع التحرير.

ففي الرابع من مايو وجه قائد هيئة الأركان في كتائب القسام محمد الضيف تحذيرا واضحا للاحتلال بأنه في حال لم يتوقف العدوان على أهالي الشيخ جراح في الحال، فإن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي، وسيدفع العدو الثمن غاليا.

العدو يخطئ التقدير

رغم تحذير الضيف، ضاعف الاحتلال من اعتداءاته بالأقصى، ولم يحسن تقدير تحذير المقاومة ولم يأخذها بالحسبان، ففي فجر العاشر من مايو اقتحمت قوات كبيرة من قوات الاحتلال المسجد الأقصى واعتدت على المرابطين.

وفي اليوم نفسه منحت قيادة المقاومة الاحتلال مهلة حتى الساعة السادسة مساءً لسحب جنوده ومغتصبيه من المسجد الأقصى والشيخ جراح، والإفراج عن المعتقلين كافة خلال هبة القدس الأخيرة، وإلا فقد أعذر من أنذر.

صواريخ القسام تعانق القدس

ومع انقضاء مهلة المقاومة، وفي تمام الساعة السادسة مساءً وجهت كتائب القسام ضربة صاروخية تجاه القدس المحتلة ردا على جرائم الاحتلال وعدوانه بالقدس والأقصى وتنكيله بأهالي الشيخ جراح، وأكدت أن رسالة الضربة عليه أن يفهمها جيدا، وإن عدتم عدنا وإن زدتم زدنا.

دخلت المقاومة معركة سيف القدس دفاعا عن المدينة المقدسة ونصرة للمقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى.

تل أبيب تحت النار

في اليوم التالي 11 مايو، وجهت الكتائب ضربة صاروخية هي الأكبر من نوعها صوب أسدود وعسقلان بـ 137 صاروخا من العيار الثقيل خلال 5 دقائق، واستهدفت مركبة صهيونية شمال القطاع.

دخل العدو المواجهة سريعا باستهداف الأبراج السكنية في قطاع غزة، وحذرت القسام من أن تل أبيب ستكون على موعد مع ضربة صاروخية قاسية تفوق ما تعرضت له عسقلان في حال تماديه.

ولم تمهل القسام العدو طويلا، فبعد أقل من ساعتين من استهداف أول برج في غزة، وجهت ضربة صاروخية لتل أبيب وضواحيها ومطار بن غوريون بـ 130 صاروخا، تخبط العدو من شدة الضربات الصاروخية للمقاومة، وبات يستهدف الأبراج ومنازل المدنيين والشقق السكنية.

القصف بالقصف

فرضت المقاومة خلال معركة سيف القدس معادلة القصف بالقصف، وربطت أي تلويح أو قصف لبرج مدني في غزة برشقات صاروخية على تل أبيب وعسقلان وأسدود، وكلما ارتكب الاحتلال مجازر ضد المدنيين كانت ترد عليه بشكل خاص خلال المواجهة، وما إن زاد من قصفه في القطاع زادت المقاومة من رشقات صواريخها وبقعة الاستهداف في العمق.

وبعد تدمير الاحتلال لبرج الشروق في غزة ردت القسام مباشرة بقصف عسقلان ونتيفوت وسديروت ب130 صاروخاً، كما ردت على مجزرة مخيم الشاطئ بحق النساء والأطفال الآمنين بضربات صاروخيةً لتل أبيب وأسدود بعشرات الصواريخ، وقصفت مغتصبة “موديعين” غرب رام الله إهداءً لأرواح شهداء الضفة المحتلة وانتقاماً لدمائهم.

وأعلنت القسام خلال المعركة أنها جهزت نفسها لقصف تل أبيب لـ6 أشهر متواصلة، وما إن لوح الاحتلال بقصف برج مدني في غزة حتى ردت القسام برشقة صاروخية تجاه تل أبيب.

وركزت المقاومة في ضرباتها الصاروخية على الأهداف العسكرية، والتي شملت مطارات وقواعد وتجمعات تنطلق منها طائراته في غاراتها على قطاع غزة.

استشهاد القادة

وخلال معركة سيف القدس، قدمت كتائب القسام، ثلة من خيرة قادتها ومهندسيها، وعلى رأسهم باسم عيسى أبو عماد قائد لواء غزة في كتائب القسام، والبرفيسور جمال الزبدة أحد أبرز مهندسي القسام.

وفي إطار الرد على اغتيال القادة، كشفت القسام لأول مرة عن إدخال صاروخ العياش 250 إلى الخدمة وقصفت به مطار رامون جنوب فلسطين المحتلة، بأمر من قائد هيئة الأركان محمد الضيف، والذي دعا شركات الطيران العالمية إلى وقف فوري لرحلاتها إلى أي مطار في الأراضي المحتلة.

حرب أعصاب

جعلت المقاومة من المعركة حرب أعصاب، واستخدمت تكتيكها الخاص، فأحدثت هزة في جبهة الكيان الداخلية، ولم تجعل للصهاينة سبيلا للراحة، وبعد قصف طائرات الاحتلال لبرج الجلاء الذي يضم مكاتب إعلامية ووكالات أجنبية في سعي منه لطمس حقيقة جرائمه في غزة، طالبت القسام سكان تل أبيب والمركز أن يقفوا على رجلٍ واحدة وينتظروا ردها المزلزل.

وبعد ساعات أمر قائد هيئة الأركان أبو خالد محمد الضيف برفع حظر التجول عن تل أبيب ومحيطها لمدة ساعتين من الساعة العاشرة وحتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، وبعد ذلك يعودوا للوقوف على رجلٍ واحدة.

وبعد انقضاء مهلة الضيف وجهت الكتائب ضربةً صاروخيةً كبيرةً بعشرات الصواريخ لتل أبيب وضواحيها تزامنا مع ضربة بعشرات الصواريخ لأسدود المحتلة رداً على قصف الأبراج المدنية والبيوت الآمنة، وقالت للعدو إن عدتم عدنا وإن زدتم زدنا.

مخططات فاشلة

أراد العدو خلال معركة سيف القدس تضليل المقاومة واستدراج عناصر نخبتها لكمين قد أعده على مدار سنوات عديدة، إلا أن يقظة قيادة المقاومة أفشلت مخططات الاحتلال وألحقته بهزيمة نكراء.

فشلت خطة العدو فشلا ذريعا، وسوّق أمام جمهوره بأنه خدع المقاومة ودمر أنفاق حماس ، في حين قللت القسام من شأن الغارات واعتبرتها استعراضية هدفها التخريب والتدمير، ودافعها العجز عن مواجهة المقاومة، ولن تؤثر على قدرات المقاومة.

وأكدت القسام كذب الاحتلال وعجزه عن النيل من أنفاق المقاومة، فنشرت مشاهد مصورة تؤكد جهوزية مقاتليها واستعدادهم داخل الأنفاق خلال المعركة.

عمليات وأهداف نوعية

في ثاني أيام المواجهة استهدفت كتائب القسام جيبا صهيونيا بصاروخ موجه من طراز “كورنيت” قرب مغتصبة نتيف هعتسراه شمال قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة 2 آخرين.

وأدخلت القسام للخدمة خلال المعركة طائرات شهاب الانتحارية المحلية الصنع، واستهدفت بها مصنعا للبتروكيماويات في نيرعوز، وحشودات عسكرية وتجمعا للجنود في موقع كيسوفيم، ومنصة للغاز قبالة ساحل شمال قطاع غزة.

كما استهدفت منصة غاز صهيونية قبالة شواطئ غزة برشقة صاروخية، وأعادت قصف حقل صهاريج “كاتسا” جنوب عسقلان ب20 صاروخاً من طراز Q20 والذي اشتعلت فيه النيران على مدار أكثر من يومين.

وفي 20 مايو استهدفت كتائب القسام حافلة لنقل الجنود قرب قاعدة “زيكيم” شمال قطاع غزة بصاروخ موجه.

مثّلت معركة سيف القدس هزيمة نكراء للاحتلال وجيشه، وأظهرت حالة الهشاشة في الجبهة الداخلية للكيان، بينما نجحت المقاومة في الدفاع عن القدس والأقصى، ورسخت معادلات جديدة ستغير من وجه الصراع مع الاحتلال.

منشورات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة + 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى