أبو مرزوق في حوار خاص مع وكالة شهاب: حوار ملفات ساخنة ورؤية للمرحلة القادمة
شهاب – حوار خاص
تحدث نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالخارج د. موسى أبو مرزوق في حوار صحفي خاص مع وكالة شهاب للأنباء، في ملفات ساخنة ومهمة على الساحة الفلسطينية، أبرزها الحكومة الصهيونية المتطرفة وخطورتها على القضية الفلسطينية، وتصاعد الحالة الثورية في الضفة الغربية وقضية الأسرى والمصالحة الفلسطينية وعلاقات حماس الدولية.
تحذير شديد
د. أبو مرزوق افتتح حديثه مع شهاب بالتحذير الشديد من الخطر المحدق بالقضية الفلسطينية برمتها ومحاولات استهداف المسجد الأقصى المبارك وتهويده والسعي لإقرار قانون إعدام الأسرى وإقرار قوانين خطيرة تمس جوهر القضية.
وقال أبو مرزوق: “نحن أمام حكومة إسرائيلية أكثر تطرفًا من الحكومات السابقة، ويحمل بعض أعضاءها أجندات شديدة الخطورة تلقي بظلالها على المسجد الأقصى المبارك بمحاولات اقتحامه من قبل المتطرف بن غفير، وعلى أسرانا في سجون الاحتلال بمحاولة إقرار قانون إعدام الأسرى، شعبنا لن يقبل بهذا القانون، وغيره سواء المتعلق بالأقصى وكذلك القوانين العنصرية المتعلقة بالفلسطينيين في النقب وشمال فلسطين أو قوانين الاستيطان ومحاولات ضم أراضي الضفة الغربية”.
واستدرك بالقول إن موضوع الأسرى بالغ الحساسية لدى شعبنا، بل إن إعدام الأسرى في التاريخ الفلسطيني حاضر ومحفّز لإنهاء الاحتلال، ولا يزال شعبنا يخلد ذكرى ثوار ثورة البراق الثلاثة وهم محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير الذين أعدمتهم قوات الاحتلال البريطاني عام 1930 لأنهم ثاروا على الانجليز ومن جلبوهم من المستوطنين اليهود.
وشدد على أن قضية الأسرى على رأس أولويات الحركة التي لا تذخر جهدًا في سبيل فكاك قيدهم عبر صفقة تبادل مشرفة.
تغيير المعادلات
وأكد أبو مرزوق أن شعبنا في معركة مستمرة لأجل إنهاء الاحتلال، سواء كان بن غفير عضوًا في المجلس الأمني المصغر لحكومة الاحتلال، أو يلقى مصير مشابه لرحبعام زئيفي. وقال لشهاب، إن ما يقوم به بن غفير، استفزازٌ كبير لشعبنا وأمتنا العربية والإسلامية “وبالتالي لا نقبل به”، داعيًا إلى تغيير المعادلات في الحالة الوطنية، وتغييرها على مستوى المنطقة والعالم الإسلامي وذلك لمواجهة خطر هذه الحكومة. ونبّه إلى أن هذه الحكومة المتطرفة ستضع الغرب أمام استحقاقات مخالفة لمشاريعهم في المنطقة، وستزيد من التناقضات والاختلافات بين الصهاينة مما يحقق قول ربنا “تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى” وسيعزز في المنطقة المشهد الفلسطيني المقاوم بعون الله.
الانتفاضة الثالثة
وحولّ ما تشهده الضفة الغربية من حالة ثورية متصاعدة وإمكانية اتساعها لانتفاضة ثالثة، أكد أبو مرزوق أن المقاومة في الضفة في تصاعد مستمر، ومن أسباب ذلك (رغم الملاحقات من جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية) هو مرونة المقاومة في التعامل مع الظروف المحيطة بها، وبالتالي لا تتوقف المقاومة إذا ما شهدت تحدي ما، والشباب الفلسطيني أسطورة في الإرادة، واجتراح الوسائل للقتال، رغم المراقبة الشديدة وتجفيف الموارد، ولعل العمليات الفردية تشكل روح المقاومة للشعب الفلسطيني عند حصار فصائله المقاوِمة وأيضًا حجم الملاحقات للفصائل المقاومة خاصة حماس من قِبل السلطة بحجة عدم تكرار تجربة غزة أو الكيان الصهيوني لتجفيف منابع المقاومة شكلت حافزًا للأعمال غير المرتبطة تنظيميّاً. مردفا “الضفة الغربية تشكل لب الصراع وعلى أرضها سيتشكل مستقبل برنامج المقاومة أو برنامج التسوية السياسية ونحن أمام تحدي كبير يجب أن ننهض به”. وحول إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة، أجاب أبو مرزوق بأن “أي انتفاضة لا تُشبه أختها، وبالتالي كل انتفاضة لها شكلها الخاص، وما يحدث في الضفة الغربية اليوم هو أحد أشكال الانتفاضة وهي قابلة للتوسع والتصعيد والإجراءات المتطرفة للحكومة الصهيونية الجديدة ستكون وقودًا للمواجهات القادمة ولعلها ستكون شاملة لمناطق الـ48 والقدس والضفة وغزة وخاصة ما يتركه الاحتلال من آثار على أهلنا في غزة.
المصالحة الفلسطينية
وفي ملف المصالحة الفلسطينية، أكد نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس بالخارج، أن مشروع المصالحة الذي تقدمت به الجزائر وما تمثله هذه الدولة من تأييد للقضية الفلسطينية ومقاومة للمشروع الصهيوني ورفضًا للتطبيع مع الاحتلال وهي ترأس الدورة الحالية للجامعة العربية، يشكل فرصة كبيرة لنا نحن الفلسطينيون وخاصة أننا وقعنا على وثيقة وعلينا متابعة تنفيذها والجزائر مستعد لتبعات ذلك. ودعا أبو مرزوق أبناء فتح ومنتسبي السلطة للتوقف عن مهاجمة حركة حماس ووقف التدافع الداخلي في الساحة الفلسطينية كون ذلك يصب في مصلحة العدو الصهيوني.
حالة من السخط
وانتقد أبو مرزوق ضعف أداء السلطة وفعاليتها على الساحة الدولية، قائلا “إن هناك حالة عامة من السخط على السلطة الفلسطينية سواء على برنامجها أو أداءها، فهي لا تتموضع حيث التعبير عن شعبنا ولا تأخذ دورها الوطني الذي يجب أن تقوم به، وبرنامجها السياسي لا يصب في صالح قضيتنا الوطنية، وبالتالي أي جهد لها فهو في إطار بعيد عن المصلحة الفلسطينية ولا يلبي طموحات شعبنا حتى لو كانت بحدها الأقصى، وعطفًا على أن شعبنا الفلسطيني في الخارج عبارة عن طاقات معطّلة لإحتكار السلطة مساحات العمل وحصرها في أشكال محدودة. وأكمل لشهاب “ولعل سياسة حماس في نزع أي خلاف على الساحة الدولية مع ممثلي السلطة أو المنظمة سياسة نؤكد عليها ونرجو أن تكون سياسة السلطة كذاك تعاونًا وتنسيقًا على كافة الصعد لمواجهة الكيان الصهيوني ولا يتفرغ إخواننا السفراء والممثلين إلى مواجهة حماس وتشويه صورتها بحجة ازدواجية التمثيل وهذه ليست معركتنا فنحن في مرحلة تحرر وطني ويقتضي ذلك وحدة وطنية وعمل الجميع حتى تحقق أهدافنا في التحرر والعودة”.
حماس في الساحة الدولية
أبو مرزوق أكد على أن حركة حماس تدرك أهمية العمل على الصعيد الدولي، وذلك على نحو يشكل حماية للقضية وللحركة، ويحقق دعم حيوي للمقاومة؛ ولهذا ركزت الحركة منذ التأسيس على علاقات الحركة الخارجية بالمستويين الشعبي والرسمي. وأوضح أن العمل مع المستوى الرسمي دوليًا صَاحب تأسيس الحركة، لإدراكها بأن القضية الفلسطينية هي قضية ناشئة عن عوامل دولية، وأن حبل الناس للعدو الصهيوني لا يزال ممتد، ويمد الكيان بكل سبل الحياة والاستمرارية وبالتالي أصبح نسج علاقات إقليمية ودولية ضرورة لابد منها. وبيّن أن الحركة حققت جملة من الاختراقات في هذا المجال، واستطاعت أن تنسج علاقات وفق الممكن والمتاح، وأن تبني مروحة علاقات سياسية إقليمية وكذلك دولية، يظهر منها جزء ويبقى جزء آخر بعيدا عن الاعلام. وقال “نحن نعلم وجهة نظرة بعض الدول نحو الحركة، فهي ترغب في جذب الحركة إلى مشاريعها، وبالتالي الابتعاد عن مشروع شعبنا أو الانسلاخ عنه، وهذا جزء من الصراع يجب مواجهته”. مؤكدا أن الحركة لها شبكة علاقات واسعة وما يحول بين إظهار هذه العلاقات هو رغبة هؤلاء بعدم الإعلان عنها، وذلك لكون الحركة على قائمة الإرهاب الأمريكية والأوروبية، ولكن ذلك لم يحول دون التوسع في التواصل السياسي والعلاقات الدبلوماسية.
العلاقة مع سوريا
وفي ما يتعلق بتطورات العلاقة بين حركة حماس وسوريا، قال أبو مرزوق “إن المنطقة العربية تشهد العديد من الخلافات والنزاعات البينية، مما أضعف المنطقة وبدد مواردها وأضعف مناعتها ضد التدخلات الخارجية مما جعل الجميع أمام خسارات محققة، ولهذا فإن الحركة ترى أن هنالك ضرورة للخروج من حالة الخلاف إلى تجاوز الخلاف وبناء جسور الثقة والتعاون بين جميع مكونات الأمة، وهذا سيصب في صالح الجميع وصالح القضية الفلسطينية، ولعل المواجهات البينية التي شهدتها المنطقة تشكل حالة إنهاك لكل المنطقة وقواها الحية”. وأضاف “نحن من ضمن أهدافنا الرئيسية العمل مع شعبنا الفلسطيني حيثما كان، بل هي من محددات أعمالنا، ولنا شعب قوامه قرابة نصف مليون في سوريا، وقرابة نصفهم في لبنان، ونحن نأمل أن تنعكس هذه العلاقة ايجابًا عليهم”. وتابع “ومن ناحية ثانية بسبب الصراعات على مستوى الدول الكبرى أمريكا والغرب من ناحية والصين وروسيا من ناحية أخرى حول زعامة العالم وازاحة أمريكا عن التفرد بقيادة العالم وانعكاس هذا على منطقتنا بشكل مباشر وكل الذين يقفون ضد المشروع الصهيوني في المنطقة ومواقفهم الإيجابية تجاه الحركة عقدة الجغرافيا السياسية لهؤلاء سوريا ولذلك لا بد من تواجد الحركة في سوريا وانظر إلى الخارطة لتعرف كيف ذلك، محور تركيا سوريا فلسطين، ومحور ايران العراق سوريا فلسطين، محور لبنان سوريا فلسطين وأكمل “ثالثا إعادة تشكيل المنطقة في هذا الوقت بفرض معادلات سياسية جديدة وتعويم سوريا سيأتي ضمن هذا السياق ولعل أشد الدول مواجهة للنظام السوري هي تركيا وهي الدولة الأولى احتضانًا للثورة وللمهجرين، وترتيب العلاقة بينهما يسير بشكل سريع”. وختم أبو مرزوق حديثه في هذا المحور بالتأكيد على أن أحد أهم الأهداف التي “نسعى لتحقيقها خدمة أهلنا في سوريا ولبنان وتحسين أوضاعهم رغم ما تمر فيه المنطقة من انكماش ومشاكل اقتصادية كبيرة”.
حماس 35
وردا على سؤال أين ترى حماس بعد 35 عاما على انطلاقتها، قال أبو مرزوق لشهاب إن “حركة حماس طوال الـ35 عامًا، وما سبقها من عقود من العمل الإسلامي المنظّم، اجتازت تحديات كبيرة وظروف معقّدة اجتمع على الحركة خلالها العدو الاسرائيلي وما يمتلك من موارد لا محدودة، والقوة الأولى عالميًا المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، وقوى محليّة، وكذلك قوى اقليمية، لأجل استئصال الحركة، والقضاء على مقاومة الشعب الفلسطيني، ولم يزد ذلك الحركة إلا نموًا وصعودًا، ولم يزد العدو الصهيوني وحلفاءه إلا خيبة وتراجعًا، وطوال تلك السنوات والحركة تسير وفق رؤية وبصيرة”. وأكمل “نحن نرى كما شعبنا وأمتنا بأن حركة حماس بعد 35 عاما من انطلاقتها، فهي تتموضع على رأس المشروع المقاوم والمواجهة للمشروع الصهيوني، وهي تمثّل صورة المقاتل الفلسطيني الثابت على مبادئ قضيته وهذه الصورة يُجمع عليها الغالبية العُظمى من الشعب على اختلاف انتماءاتهم الفكرية أو السياسية، ما يعني أن الحركة متجذرة في الشعب الفلسطيني وتمثّله له الدرع والسيف، والحركة اليوم تتربع هي أيضًا على رأس المشروع الوطني الفلسطيني الذي يمثل مقاومة الاحتلال الجزء الأساس منه”. وختم أبو مرزوق بالقول إن “حركة حماس وهي تمثل الطليعة في هذه الأمة لمقاومة المشروع الصهيوني الغربي وتجتاز كل هذه الصعاب والمعيقات والمؤامرات، مستكملة نموذج نجاح لنهضة هذه الأمة من شرقها إلى غربها وكل نجاح في فلسطين وهو نجاح لكل دولنا في عالمنا العربي والإسلامي وكل نجاح لأي دولة إنما يمثل نجاحًا لنا في فلسطين فنحن أمة واحدة وتأييد حماس اليوم في عمق الأمة ومع كافة الصعد هو التأثير الأكبر والألصق بشعوبنا وأمتنا”.